رؤوف شنة و ابداع جديد
أضحك لأني تعيس ، وكأي شخص آخر أقعده الانتظار في محطة اللغة دون أن تصافحه أيُّ قصيدة ..دون أن تربت الأشعار على كتفه ..ودون أن تصله رسالة فارغة ..
أحب الرسائل الفارغة كونها صادقة جدا ، فالحب العظيم لا يُكتب ..لا يُقال ..الحب العظيم يموت بهدوء فحسب ..
أضحك لأني يائس ، ولأني أرى الخواء يخيم على حياتي ، أشدني كل يوم من طرف حذري ..أدلل هذياني ، أعير كامل انتباهي للأشياء الذاهبة في الزوال ، أحاول اللحاق باللحظة قبل يبتلعها الغبار ..أحاول اللحاق بنفسي قبل أن يغتالني الجنون ..
أنا انسان مريض...
حدث أن توهمت أني كائن هلامي أعيد تشكيل ملامحي كل صباح ..دون أن أصير أنا ، قد فقدت شكلي الأصلي..أصبحت مسخا ، أشعر بذلك ..أرى ذلك ، ولا أحد أخبرني أني تغيرت !
أضحك الآن كمن لا يعرف خسارة أكبر من هذه ، كمن يتحسس حماقته ويبذل قصارى جهده ليخمد تعبه ..ليواري عجزه في ثنايا قهقهة بالية ..
أضحك الآن كمن يشاهد فيلمه الكوميدي المفضل ..
أنا أشاهد حياتي اللعينة وهي تقوم بدور فكاهي هزلي ..بينما يعرج حلمي فوق شاشة التلفاز ..يجر صورة ضخمة لمستقبلي الذي رسمته سابقا حين كنت طفلا ، حينها لم أكتشف بعد أني خدعت !
أضحك لأني يائس ومتهور ، لأني فقدت صديقا بالأمس ، لأني خنت صدفة السقوط ولم أتهشم اليوم ..
لأني أخلفت بوعدي ولم أصبح شخصا يُعَول عليه !
أضحك الآن ، كمن تجرد من انسانيته للتو ،وخلع وعيه في الشارع ثم ركض عاريا في العراء ..جاهرا بجنونه ..
وأشرب في هذه اللحظة ..نخب الدموع التي تكابد الإنهمار ..
نخب الشوق يحفر بفأسه ذاكرتي ..
نخب الأشياء التي أردتها بشدة وضاعت ..
نخب أناي الفائضة بالإرتباك ..
نخب العالم الوقح ..كما البغايا ...
نخب التعب الساهر في وجوه السكارى ..
نخب العبث المرمي في ساحات الوجود كما القتلى في ساحات المعارك ..
نخب الندم يغسل وجهه في الحمام كل صباح دون أن تزول بشاعته ..
نخب الشهوة العارية في أزقة الحب ..
نخب اللوعة وهي تقضم أصابعها في قلب الأشياء ...
نخب الأرض المُنْهَكَة ..
0 comments:
Enregistrer un commentaire