بِـــقَلم المُبدع رزيق بن ذيب : رحلة لساحة القدس
زرتها مرتين ... الاولى عبر أشعار محمود درويش ! و الثانية في حلم او كابوس لا اتذكر جيدا ... استأجرت بيتا قريبا منها شرفته تطل على ساحة القدس ... و ما إن دخلت الغرفة امسكت بالستائر المليئة بالغبار و دفعتها جانبا حتى رأيت تلك الساحة ... لا استطيع وصفها تجعلك غير قادر على الحركة ... بها المنظر كأنه وحي من الخيال هدوئ غير مسبوق مجموعة ورود تنمو على حافة كل رصيف مشيد بطريقة لا متناهية في الدقة .... ساحرة هاته الساحة حتى اعتقدت انها مكبلة ببعض تعويات الجمال و الرونق ... جمالها في بساطتها و هدوئها الذي يكاد يكسر نفسية جنود الحراسة هدوء يشعرك بأنواع مختلفة من الأحاسيس رهبة خوف طمأنينة ... ما يفزع قلبي كثيرا رؤية تلك العجوز المسنة التي تعرف من خلال رؤية إطلالتها انها تبكي ... لا وجود للدموع لكن نبرة صوتها و انحدار حاجبيها الشديد يحكي انهمار فيضانات من الدموع على فراق ابنائها ... تتسلق طريقا محاذيا للساحة و بينما هي تمر على تجمع لجنود الحراسة في حالة لهو حتى تلاحظ ظهور علامات الحقد و البغض في وجهها و كأنها تشتمهم من خلال تفاصيل وجهها التي تتغير كلما التقت احدهم في طريقها للمنزل ... بيديها بعض المشتريات التي تسد بها جوعها و هي كلها امل ان تصل لبيتها دون اي ازعاج منهم فلا حول لها و لا قوة عليهم ... فجأة تتوقف ترمقهم بنظرات تملؤها الكراهية و الحقد الدفين ثم تبعد ناظرها و تطل بعينيها على تلك الساحة و كأنها تقول : " سآتي يوما ما ... سآتي " تكنل مسيرها و تعود بي عيناي الى تلك الساحة ... يلفت انتباهي انعكاس الضوء لقبة الأقصى نتيجة لأشعة الشمس الذهبية فأتذكر فداء الذرة بنفسه و ابنه لعيون الأقصى و قد كنت صغيرا يوم بث ذاك المشهد المرعب على شاشات التلفزيون ... يتبادر الى مخيلتي كيف كان اهلها ينعمون بالهدوء و السعادة وسط هذا المكان الهادئ ... ثم انقشع ذاك الهدوء وفقا لوعد مشؤوم لا أساس لمبادئه من الصحة ... تترامى لي نظرات أطفال أبرياء يلعبون بمحاذاتها و هم لا يعلمون ان هذه كانت ارضهم و غصبت منهم بالقوة ما ان امعن النظر الى عيونهم اجد نفسي مخطأ هم يعلمون كل صغيرة و كبيرة ... فقط ديارهم التي حولت لمخيمات بفعل القنابل و آمالهم و احلامهم التي اصبحت مجرد نوم هنيئ لبضع ساعات و زاد قليل حتى لو كان قد طهي بالأمس ... هو ما يجعلهم غير قادرين على فعل الكثير ... بعدها اشعر بشيء يلامسني و اذا بها أمي تخبرني " بني ا لم أخبرك انك صرت تتمتم كثيرا في نومك مؤخرا ... لا بد و ان مكروها قد أصابك
0 comments:
Enregistrer un commentaire